الأحد، 21 ديسمبر 2008

مقطع من كتاب التغيير من الداخل

مقطع من كتاب "التغير من الداخل .. تأملات في عادات النجاح السبع"

المؤلف / د.أيمن أسعد عبده .

"إن عجبي لا ينتهي من هذا الكم الهائل من الإيجابية وروح المبادرة التي اكتظت بها النصوص الشرعية والمفاهيم الإسلامية، وكيف أنها ترجمت إلى روح متحررة إيجابية قوية ومؤثرة في حياة الرعيل الأول والعظماء من المتأخرين،  ثم يتزايد عجبي عندما أرى ما أصابنا في العصور المتأخرة من البعد البين عن هذه المعاني.  لقد تحوّلت تلك المعاني الإيجابية المؤثرة إلى أعذار يتعذر بها الناس،  فبدلًا من أن تحرك عقيدة القضاء والقدر في المسلم معاني الصبر والإنابة والدعاء والتوبة والتصحيح  والمراجعة والإقدام والشجاعة، أصبحت ذريعة إلى ترك العمل وإهمال النفس بحجة أن كل شيئ مقدّر مسبقًا، وبدلًا من أن تدفعنا عقيدة التوكل إلى الأخذ بالأسباب وعمل القلب في الاعتماد على الله وحده  وعمل الجوارح  في سعي حثيث للتغيير، أصبحت عبارت جوفاء تلوكها الألسن دون أن يكون لها في واقع الأمر تأثير."

"هذه الجبرية الحديثة والقدرية المتأخّرة هي من أهم أسباب تخلف أمتنا في هذا العصر.

انظر مثلًا إلى عقلية ردة الفعل التي سيطرت على حياتنا، انظر إلى نظرية المؤامرة التي تضخّمت في حياتنا بشكل شلّت معه كل إراداتنا، حتى أصبحنا نتوهم أن أعداءنا-أو من نصّبناهم أعداءً لنا- يستمعون لدقات قلوبنا ويتحكمون فيها، ويتسللون بين جلودنا ولحومنا ليؤثروا  فينا،  وأنهم قد امتلكوا حياتنا كلّها فلم يبقوا لنا حيلة، انظر إلى السلبية القاتلة في المواطن المسلم المقهور، الذي لا يشعر أبدًا بالمسؤولية عن أي شيئ في حياته،  فمزاجه العصبي وراثة، وفشله في حياته العلمية بسبب الحكومة، وانحراف أولاده بسبب فساد الزمن،  وفقره بسبب غلاء الأسعار،  وتخلّف مجتمعه بسبب القوى الغربية ....  وقائمة من المعاذير المعروفة التي مللنا منها. إننا لا ننكر أن كل هذه العوامل ساعدت وهيّأت للنتائج السيئة التي نتلظى بويلاتها الآن،  ولكننا نعتقد تدينًا وعقلًا أننا نحن مسؤولون  مسؤولية مباشرة عن حياتنا،  وأن شيئًا لن يتغير حتى ندرك هذه الحقيقة المُرّة ونبدأ بالتغيير من أنفسنا، عندها فقط سوف يغير الله حالنا."

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق